Monday, November 19, 2018

فيسبوك بالالتزام بالمنطق. دعواتكم لنجاحنا

يمكن النظر إلى أحمد على أنه تجسيد حي للمشاكل المعقدة التي يواجهها فيسبوك. يقيم أحمد في بريطانيا ويدير جماعة تطلق على نفسها اسم (مواطنون موحدون من أجل السلم والاستقرار). وهو يعرف نفسه على أنه من الفولاني. ولكن من الأمان الذي يتمتع به في بيته في احدى ضواحي مدينة كوفنتري في إنجلترا، يقوم أحمد بزرع بذور الخوف في ولاية الهضبة في نيجيريا.
كتب أحمد مداخلة في الثالث من تشرين الأول / أكتوبر 2018 - وهي مداخلة تم تدوالها أكثر من 890 مرة على فيسبوك - "لقد خبرنا ما فعله تنظيم بوكو حرام من فظائع، ولكن لم نر أبدا ارهابيين يقتلون اخوانهم من بني البشر ويجدون متعة في التهام لحمهم! إن ارهابيي البيروم تفوقوا على كل الآخرين، إنهم أسوأ ما انتجت القارة الإفريقية من وحوش برابرة. يجب علينا القضاء على ارهابيي البيروم قضاء مبرما بكل الوسائل المتاحة."
إن استخدام تعابير مثل "وحوش" و"برابرة" مثير للصدمة، ولكن التعبير المهم فيما كتبه أحمد - ويكتبه - هو تعبير "ارهابيين". دأب أحمد على استخدام هذا التعبير مرارا عندما يشير إلى البيروم، ويرفق ذلك بدعوات "القضاء عليهم ومحوهم عن بكرة أبيهم." بهذا الأسلوب، يصوغ أحمد دعوته إلى التصفية بعبارات توحي بأنه يشير إلى مجرمين سياسيين بعينهم وليس إلى أقلية عرقية بأسرها. وصف أحمد البيروم "بالارهابيين" في مداخلات نشرها في فيسبوك تسع مرات على الأقل هذه السنة.
الحقيقة تقول إنه لا وجود لأي جماعة ارهابية تخص أقلية البيروم معترف بها دوليا. وبينما ارتكب أفراد من البيروم جرائم قتل خلال الأزمة التي تمر بها ولاية الهضبة فعلا، لا يشارك شعب البيروم بأسره في أعمال عنف.
ولكن عددا من أتباع ادريس أحمد يعمدون إلى تكرار النبرة التي يستخدمها، وهي نبرة تتعمد تجريد الآخر من انسانيته، في الاشارة الى البيروم ككل. جاء في تعليق على احدى مداخلاته نداء "محو البيروم" واصفا إياهم بالـ "وحوش والبرابرة". وجاء في تعليق آخر، "تستحق الثناء لفضحك هؤلاء القتلة الصامتين. آمل أن يرد الجيش بالغضب والنار ويحيلهم إلى بقع من الدهن."
ليس أحمد مستخدم فيسبوك الوحيد الذي يلجأ إلى خطاب يتسم بالعنف ويدعو إلى الفرقة والانقسام ضد أقلية البيروم. فبعض المداخلات بلغة الهاوسا في فيسبوك أكثر صراحة من تلك التي يكتبها، في دعوتها إلى "محو" البيروم. كتب أحد هؤلاء مداخلة في الـ 25 من حزيران / يونيو لمتابعيه الـ 5000 قال فيها، "على قوات الأمن أن تتجاهل منظمة العفو الدولية وأن تمحي البيروم كليا من الوجود. على قوات الأمن أن تقتحم مناطق البيروم بأسلحتها المتطورة وتقتل الجميع، البشر والحيوانات وحتى الطيور."
في شهر أيلول / سبتمبر من العام الحالي، استخدم أحمد حسابه في فيسبوك لنشر اعلان غير مؤكد عن موت جنرال متقاعد. واوحت المداخلة بأن الجيش متورط في قتل الجنرال المذكور، مما زاد من التوترات القائمة أصلا. استشاط الجيش النيجيري غضبا من ادعاء أحمد هذا.
إذ قال تكساس تشوكوو، مسؤول العلاقات العامة في الجيش النيجيري في رد على مداخلة أحمد، "نتحدى الدكتور ادريس أحمد بتوفير أي دليل يثبت ادعاءاته الصبيانية." ووصف المسؤول العسكري ما جاء به أحمد حول اختفاء الجنرال "بالغبية، وبأنها منفصلة تماما عن الواقع."
كما عبر أفراد من أقلية البيروم العرقية في جوس عن قلقهم البالغ من النشاط الذي يمارسه ادريس أحمد من خلال فيسبوك.
فقد قال جوشوا بواجوك، وهو ناشط شبابي من البيروم يقيم في جوس، "إن إدريس عامل هدم ودمار. فقد نجح في بناء جيش كراهية، جيش من شعبه."
في معرض حديثه على موضوع خطاب الكراهية و"الأخبار الكاذبة" بشكل عام، قال سام غودونغز، استاذ العلوم السياسية في جامعة جوس إن فيسبوك لم يستوعب خطورة الموقف. ومضى للقول، "بشكل تراكمي، هذا الموقف مسؤول عن جرائم ابادة. كم أتمنى أن يعي فيسبوك خطورة الوضع الذي نواجهه. واذا كان واعيا، اتساءل عن سبب تقاعس فيسبوك عن تداركه، فنحن نتكلم عن أرواح بشر."
لكن فيسبوك قال لبي بي سي إن لديه فرقا "مكرسة لمنع الأخبار الكاذبة والاستقطاب من الانتشار والمساهمة في إيذاء العالم بشكل فعلي،" خصوصا في تلك الدول التي قد تكون لهذه النشاطات "عواقب تتعلق بالحياة والموت." وقالت الشركة إنها بصدد تعيين موظفين جدد واجبهم تحديدا التصدي لهذه المشكلة على نطاق العالم، ولكنها لم تتطرق إلى تفاصيل محددة حول الوضع في نيجيريا.
لكن لا يسع لفيسبوك الادعاء بأنه لا يعلم بنشاطات ادريس أحمد.
فقد علّق حسابه مرتين، مرة في عام 2016، والأخرى في عام 2017. ولكن هذين التعليقين لم يستمرا طويلا، إذ سمح له بمعاودة نشاطاته بعد أيام قليلة. وكان برنامج بي بي سي "عين إفريقية" قد اشتكى لدى فيسبوك في 8 تشرين الثاني / نوفمبر حول احدى مداخلات أحمد التي أشار فيها إلى ضرورة "محو" البيروم. وقام فيسبوك بازالة المداخلة في اليوم التالي وعلّق حساب أحمد لمرة ثالثة. ولكن حسابه الثاني، والذي يتابعه أكثر من 30 الف مشترك، والذي يشير فيه إلى البيروم على أنهم "ارهابيون"، ما زال قيد الاستخدام.
لم يرد ادريس أحمد على طلب بي بي سي الإدلاء بتعليق رسمي إلى الآن. وفي مكالمة هاتفية، قال إن رواية بي بي سي عن صفحته في فيسبوك "غريبة إلى حد بعيد" وإنها لا تعكس شخصيته بشكل نزيه.
وقال أحمد لمتابعيه في 10 تشرين الثاني / نوفمبر، "سأحاول استرداد حسابي المعلق باقناع مسؤولي فيسبوك بالالتزام بالمنطق. دعواتكم لنجاحنا."